الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة في ظلّ حصاد ضعيف: هل فشل الرياضيون في توظيف جماهيرهم خلال الاستحقاقات الانتخابية؟

نشر في  26 نوفمبر 2014  (09:48)

على امتداد أكثر من شهرين عاش التونسيون على ايقاع الانتخابات بشقيّها التشريعي والرئاسي، ولم يخل حديثهم من الاشارة الى صناديق الاقتراع وما أفرزته من نتائج بعد سيل وعود أطلق في أكثر من جانب من قبل المؤهلين للمناصب.
ولأن المشهد الرياضي لم يكن بمعزل عن الحراك السياسي، فان عديد الوجوه الرياضية أغواها خوض الاستحقاقين المذكورين واذا ما كنا تطرقنا بالتفصيل في أعداد سابقة من أخبار الجمهورية الى نوايا الفعل السياسي الحقيقية لعدد من رؤساء القوائم الحزبية والمستقلة والحزبية خلال الانتخابات التشريعية، وما أفرزه واقع النتائج لاحقا، ها أننا نعود لاحقا الى ما كشفته الانتخابات الرئاسية من حقائق تثبت أن سعي العديد الى استثمار شعبيتهم في المسارح الرياضية لا يعني لزاما قدرتهم على تحقيق نسب ناجحة في استحقاق الانتخابات الرئاسية.
الأمثلة كانت عديدة، وتوظيف الجماهير الرياضية كان موجودا واختلف من مرشح الى أخر بين التلميح والتصريح..وبين هذا وذاك لم يختلف النتاج وظل محتشما بل وضعيفا للغاية أحيانا مما يحيلنا آليا الى الاقرار بفشل وجوه رياضية في استثمار شعبيتها لأغراض سياسية..وان تعدّدت الأسباب والحيثيات.
وفي هذا الاطار تعدّدت الأسماء التي حاولت استثمار اشعاها الرياضي خلال الاستحقاق الانتخابي، ومن هؤلاء نذكر محرز بوصيان الذي كان ترشحه خاليا من اليافطة الحزبية بيد أنه حاول استثمار شعبية رياضية اكتسبها بالأساس خلال صراعه الشهير مع طارق ذياب زمن اشرافه على وزارة الشباب والرياضة، كما دخل سليم الرياحي مرشح الاتحاد الوطني الحر السباق بنرجسية زادت جرعاتها عن اللزوم بفعل ثقة لا متناهية في مكانته لدى "شعب الافريقي"، فيما مازال منذر الزنايدي يقتات من زمن ترؤسه للترجي خصوصا أن انضمامه الى نظام حكم بن علي لم يكن ليخدم ملفه السياسي..وغير بعيد عن هذه الحالات حاول بعض المرشحين اضافة بهارات رياضية على تحرّكاتهم وهو ما سنتطرق اليه تباعا..

البرامج مكمن الفشل

رأى العديد من الملاحظين أن ما أفرزته النتائج الصادرة عن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات دليل فشل حقيقي للوجوه الرياضية، ولكنه غاب على الكثيرين ما مفاده أن من استمالوا الجماهير المذكورة بالحديث عن انتماءاتهم، انما فشلوا بسبب عدم تطرّقهم ولو في نقطة واحدة الى برنامج ثري لانقاذ المشهد الرياضي، اذ لم يعد أي كان منهم جماهير الأندية بتسوية قانون الجباية الجاثم على صدور نوادينا وهدد باغراقها وايقاف نشاط البطولة، ولم يجرؤ أي كان من المترشحين الى الرئاسية على اطلاق وعد مفاده أنه سيعيد الهيبة الى ملاعب كرة القدم ومختلف قاعات الرياضة بالغاء "الويكلو"،
أجل هذا ما غاب عن المتستّرين برداء الرياضة وفشلوا في توظيفه ضمن حملاتهم..ولذلك كانت النتائج على قدر الوعود...
عزوف الشباب عقاب للخطاب

في جانب ثان، أقر عديد الخبراء والمراقبين بأن طبقة الشباب حضرت بالغياب وانتهجت مسلك العزوف، وهذا ما خذل المقرّبين الى الرياضة ممن تحدثوا سابقا عن انتماءاتهم ولم يقدموا البلسم لجراح الرياضة التونسية من ضعف الهياكل واختيار الكفاءات وتوفير الدعم المادي والحدّ من الولاءات والمحسوبية..وتحفيز الجمعيات الرياضية حتى تكون سدا منيعا أمام آفتي الارهاب والهجرة السرية..ولذلك أشاح الشبان بوجوهم عن مراكز الاقتراع وهو ما انعكس بالسلب عمّن وظّفوا الرياضة لاعلاء أصواتهم...

للخسارة عناوين عدة

تحدّثنا في مطلع المقال عن بعض الحالات المعروفة رياضيا ومنها الرياحي وبوصيان والزنايدي، ولكن الأمر ينطبق أيضا على الهاشمي الحامدي الذي لم يترك مناسبة ولم يشر خلالها الى أنه "افريقي الهوى" وأنه أحق من غيره بأصوات شعب الافريقي، كما غازل حمة الهمامي مرارا جمهور نادي باب الحديد وحضر الاجتماع الشهير لمعارضي سليم الرياحي قبل بضعة أشهر..وفي جانب مقابل استغل محمد الفريخة قربه الجغرافي من النادي الصفاقسي وكذلك تعامل شركة الطيران التي يملكها مع جامعة الكرة ليظهر في الاعلام الرياضي، وغير بعيد عن سابقيه، حاول المترشح المستقل سمير العبدلي التعويض عن الضعف الفادح لشعبيته بالترويج لحكاية أنّ بعضا من "المكشخين" اقترحوا عليه رئاسة الترجي بعد تأجيل الجلسة الانتخابية الأولى...
كل هذه العوامل أثبتت أن ضعف الخطاب الرياضي لجملة المرشحين عاد عليهم بالوبال لاحقا في وقت كانوا يدركون خلاله أن ثقل الجماهير الرياضية بمقدوره تغيير الكثير لو لامست الوعود أهواءهم وميولاتهم...


طارق العصادي